منال سالم الجزء الأول
المحتويات
له أمام سابين فابتسم بسخافة وهو يقول مدافعا عن نفسه
مش بآلش يا بابا بس آآ..
قاطعه أبيه قائلا بجدية وقد تشنجت ملامح وجهه
من غير بسبسة .. أختك أكتر حد هاينفع يقوم بالدور ده المهم بس نقنعها !
تنهد مسعد بعمق ورد عليه بإبتسامة مغترة
خلاص يا بابا سبهالي أنا هالفلها هدية محترمة بمناسبة نجاحها واقولها على الخطة !
هي ايناس نجحت
أومأ مسعد برأسه إيجابا وهو يرد
اه الحمد لله .. وجابت مجموع كبير
استدار مسعد ناحية سابين وغمز لها قائلا بنبرة شبه مغتاظة
طول عمرها موس البت دي .. مالهاش في اللعب ولا الصياعة الكتب والمذاكرة واكلين دماغها على الأخر
طبعا .. ده أنا مربيها على الاخلاق والالتزام ... وإن كانت عملت حاجة غلط بتيجي تقولي يا بابا أنا عملت كذا ومعمرهاش كدبت عليا
!
تابع مسعد قائلا بعبوس زائف وهو يشير بيده
بس مصلحجية درجة أولى ټموت في الهدايا والشړا والمساومة !
زادت ابتسامته الساخرة اتساعا وهو يتساءل بمكر
حذره اللواء محمد قائلا بجدية
اتلم يا مسعد بدل ما أهزقك قدام الأجانب
تنحنح مسعد بحرج ووضع إصبعه على طرف أنفه وردد بخفوت
احم.. عندك حق برستيجي برضوه !
ابتسمت سابين برقة ثم مطت لتهمس بتحمس قليل في نبرة صوتها الناعمة
ممممم .. أنا أهب أحب اشوف ايناس دي
هاتعجبك أوي يا صابرين نسخة مني !
أبدت سابين إهتمامها قائلة وهي ترفع حاجبيها للأعلى
واو ! شيء رائع
تدخل اللواء محمد في الحوار قائلا بجدية
بنتي غير مسعد .. ولا شبهه في أي حاجة هي ليها شخصية مع نفسها كده .. بس جدعة وبنت أصول !!!
كانت كلمات محمد المتفاخرة بإبنته تثير ضيق باسل أكثر وتزيد من تأنيب ضميره وإحساسه بالذنب نحوها ..
ما أوجعه بحق هو تذكره لكلماته الچارحة والمهينة لها ..
..
أغمض عينيه للحظة ليسيطر على حالة الفوران التي تعتريه من الداخل هو أخطأ في حقها وعليه ألا يكابر في هذا ...
في منزل مسعد غراب
عقدت إيناس شعرها جديلة طويلة وجمعت خصلات شعرها القصيرة والمتناثرة خلف أذنيها ثم اتجهت إلى خارج غرفتها وهي تصيح بصوت جهوري
ماما أنا نازلة
حضرت والدتها من المطبخ وهي تمسح يدها في منشفة قطنية وسألتها بإستغراب وهي تنظر إليها
نازلة ! ليه رايحة فين
ردت عليها بتنهيدة مطولة
بابا عاوزاني في الكافيه شوية
قطبت صفية جبينها بإندهاش وسألتها مستفهمة بفضول واضح في نظراتها
أبوكي ليه
ردت عليها بإختصار
مقالش
زمت صفية بتبرم وتمتمت بكلمات مبهمة ثم تابعت قائلة بجدية وهي تشير بيدها
طب قوليله مايتأخرش أنا خلصت الأكل
هزت إيناس رأسها وهي تجيبها
حاضر !
ثم انحنت للأسفل لتسحب حذائها من الخزانة المخصصة لها وارتدته وعاودت النظر إلى هيئتها في المرآة المعلقة خلف باب المنزل ..
تأملت بنطالها الجينز القديم وكنزتها الواسعة ذات اللون الأبيض التي تغطي خصرها وتصل إلى ما قبل ركبتيها بنظرات فاترة .. ثم ابتسمت لنفسها بسخرية وهي تردد بسخط
ماشبهش البنات في حاجة ! أنا زي الولاد !
أمسكت بالمقبض وأدارته واتجهت إلى الخارج ..
.......................................
بجوار مدخل المقهى
وقف باسل على مقربة من مدخل المقهي مستندا على جانب سيارته وعاقدا ساعديه أمام صدره وترقب بفارغ الصبر وصول إيناس بعد أن استأذن من أبيها أن يراها بالخارج مدعيا تهنئتها بنجاحها في الامتحانات ثم بعد ذلك يصطحبها للداخل ليتحدثوا معها هو أراد أن يحظى بفرصة معها على إنفراد ليعتذر لها عن تطاوله عليها ..
لمحها وهي تسير بخطوات بطيئة من على بعد فاعتدل في وقفته وأرخى ساعديه .. وانتصب بجسده متلهفا للحديث معها ..
رفعت رأسها لتنظر إلى الطريق أمامها فتفاجئت بباسل محدقا بها وينظر مباشرة في عينيها ..
صدمت منه وارتعد جسدها للحظة من نظراته المسلطة عليها ومن وجوده أمامها ...
تحولت ملامحها المرتخية نسبيا إلى عبوس جلي .. ثم أشاحت بوجهها بعيدا عنه متجاهلة أياه وكأنه نكرة ولم تراه ..
زمت بضيق وتابعت سيرها ولكن بخطوات سريعة ..
تحرك باسل نحوها وهو يهتف بصوت آجش
وآمر
ايناس استني !
لم تصغ إليه بل أكملت خطواتها دون الإكتراث به ..
لحق بها ووقف أمامها ليسد عليها الطريق ثم حدجها بنظرات قوية وهو يقول بجدية صارمة
استني يا إيناس أنا عاوز أتكلم معاكي !
انتفضت من حركته وزاد تجهم وجهها ونفخت بنفاذ صبر وردت عليه بحنق
في ايه تاني عاوز تقوله افتكرت كلمة زيادة تهيني بيها ولا حابب تمد إيدك عليا !
ابتلع باسل ريقه بضيق فقد استشف من كلماتها الغاضبة بغضها من تصرفه الفظ معها فأخذ نفسا عميقا ليسيطر على انفعالاته وزفره بعجالة ثم ضغط على شفتيه وردد قائلا بإمتعاض
لأ مش كده أنا آآ..
قاطعته قائلة بحدة وهي تنظر بجمود في عينيه
لو جاي تطمن إني التزمت باللي قولته فأنا خلاص فهمت كلامك كله وأمنت بيه أنا مش زي البنات عندي شنب ودقن وسوالف كمان فاستحالة حد يبصلي ولا عاوزة من الأساس حد يبصلي أصلا أنا دماغي في دراستي وبس !!
أثارت كلماتها السابقة حفيظته ..
هو جرحها عمدا واحدث أثرا سلبيا في نفسها ..
هي مازالت تذكر إهانته لها تقليله من شأنها إساءتها لهيئتها .. بل والأكثر من هذا هز ثقتها في نفسها ..
أيقن أنه أحدث شرخا وأوجد فجوة كبيرة بينهما ..
أسبل عيناه وهو يطالعها بنظرات نادمة ثم تابع بهدوء
إيناس حقك عليا أنا أسف مكانش ينفع أكلمك كده أنا كنت منفعل وقتها واتضايقت من اللي حصل !
أغضبها اعتذاره وكأن ما فعله بها هين لا يستحق إلا كلمات بسيطة يرددها على لسانه ..
فبلا وعي ارتفعت نبرتها وهي ترد
انت صدقت إني عملت كده مع إني مكدبتش عليك في حاجة !
اعتذر مجددا وهو يشير بحاجبيه لتنتبه لوجدهما مع عامة الناس
أسف مكونتش أقصد !
أرادت إيناس إيلامه أن تجعله يشعر بحجم خطئه وأن يعي جيدا أن لكل شخص مشاعر تحترم لا يحق لأحد أن يسيء إليه لمجرد هيئته أو مظهره العام .. لكن بإشارته الأخيرة ظنت أنه يشعر بالحرج من وجوده معها.. أنها لا تستحق أن ينظر لها شاب ما وسيم بل أجمل في ملامحه منها ..
ولذلك لم تعد ترغب في الاستمرار معه في الحديث فإستياءها منه يتخطى شعوره بالذنب وتقبل ندمه ..
لذا حافظت على كبريائها ورسمت ابتسامة باردة مصطنعة على ثغرها وردت عليه غير مكترثة
مافيش مشكلة لو لسه حاسس بالذنب من ناحيتي فمتقلقش أنا عادي خلاص !
ازدردت ريقها المرير وتحركت للجانب لتتخطاه وهي تجاهد للحفاظ على ابتسامتها ..
سار إلى جوارها وهتف بإلحاح
إيناس استني بس
التفتت برأسها نحوه ورمقته بنظرات حزينة وهي تقول بجدية متعمدة الضغط على حروف كل كلمة
أنا الموضوع نسيته يا أبيه باسل !!!!!!
فغر فمه مشدوها من عبارتها الأخيرة وردد پصدمة واضحة
نعم أبيه !!!
أسرعت في خطاها دون أن تترك له المجال لتفسير ما قالته لكنها أرادت أن يصل إليه مغزى كلمتها المقصودة أبيه ..
وبالفعل نجحت في هذا .. فظل للحظات مذهولا مما قالته ..
ولجت إلى داخل المقهي وبصعوبة بالغة نجحت في إخفاء مشاعرها المقهورة ..
بحثت بعينيها بنظرات خاطفة عن أبيها بين رواد المكان فوجدته يشير لها بيده فاتجهت نحوه ..
لحق بها باسل ولكنه تباطيء في خطواته ووجهه متجهم للغاية ..
تنهد بضيق لما تسبب به ورأى نتيجة تهوره عليها ..
وزاد شعوره بالآلم والإنزعاج من اللقب الأخير ..
لم يستطع اخفاء وجومه ولا عبوسه .. فهو يشعر بمدى الآلم الذي يعتصرها حتى وإن كانت تدعي العكس ..
تمتم مع نفسه
غير مصدقا
أبيه ! أنا !!!
لاحظت إيناس وجود أخيها مسعد جالسا إلى جواره ولكنه لم يكن ظاهرا لها فابتسمت له وأسرعت نحوه وهي تهتف بسعادة
مسعودي انت هنا !
نهض مسعد لتحية أخته وهو يقول بمزاح
أهلا بنسناس العيلة
عبست بوجهها وهي ترد عليه بنبرة منزعجة بالرغم من ابتسامتها الرقيقة
هاتفضل زي ما انت رخم !
فتح ذراعيه ليضمها فلكزته في صدره بقبضتها وهي تتمتم بخفوت
بارد
قبلها مسعد من أعلى رأسها واستدار ليوجه حديثه إلى سابين قائلا بمرح
أهي دي الكوبي النسخة المصغرة مني !
أرجعت إيناس رأسها للخلف لتنظر إلى من يتحدث فوجدت شابة جميلة تنهض من على المقعد وتمد يدها لتصافحها ..
ابتسمت لها سابين بنعومة وهي تقول بلكنتها الغريبة
هاي إيناس ! Right صح
وزعت إيناس نظراتها بين الاثنين وتساءلت بفضول وهي تهمس له
مين المزة دي يا مسعد
كز على أسنانه وهو يجيبها بصوت خفيض محذرا
لمي لسانك أبوكي قاعد !
تنحنحت بحرج وهي تلتفت نحوها
احم هاي ! أيوه أنا إيناس !
ثم رمقتها بنظرات مطولة متفحصة ومدققة لتفاصيل وجهها وجسدها .. وكل ما له صلة بها ..
ابتسمت لها سابين بود وهي تقول
أنا سابين !
أردف اللواء محمد قائلا بجدية وهو يشير بيده
اقعدوا يا ولاد عشان نتكلم في المهم
تلفتت إيناس حولها لتبحث عن مقعد شاغر لتجلس عليه فتفاجئت بباسل يحضر لها مقعدا ووضعه إلى جواره فرمقته بنظرات ساخطة ثم أشاحت بوجهها بعيدا عنه غير مهتمة بنظراته الغاضبة منها وجلست على المقعد دون أن تنطق بكلمة إضافية أو حتى تشكره على خدمته ..
أرجعت هي ظهرها للخلف وتعمدت تجاهله بشكل يجعله يخجل من نفسه لما فعله ..
ثم تساءلت بجدية وهي تنظر إلى والدها
خير يا بابا
اعتدل والدها في جلسته ونظر لها بثبات وهو يجيبها بجدية
بصي يا إيناس من غير ما أضيع وقت إحنا عاوزين منك خدمة
أضاف مسعد قائلا بمزاح
اه بس وطنية حاجة كده نظام رأفت الهجان لا تراجع ولا استسلام
رفعت إيناس حاجبها للأعلى مستنكرة ورددت بعدم فهم
نعم !
وبخ اللواء محمد ابنه قائلا بصوت صارم
بس يا مسعد مافيش هزار في المواضيع دي
رد عليه مسعد بنبرة شبه ساخرة وهو يشير بيده
اسمعي لخبرة السنين عصارة الأفكار البهاريز كلها
انزعج أبيه من استهتاره وتهكمه الزائد عن الحد فصاح بجدية
يا بني اهدى ماتقطعنيش
أومأ برأسه وهو يقول بخفوت بعد ان استشعر أن الأمر لم يعد ظريفا
حاضر
أوضح اللواء محمد لابنته المطلوب منها بعد أن أخبرها بحقيقة وضع سابين وأسباب وجودها هنا فنظرت إليها بإندهاش وهتفت بنزق
مش معقول يا بابا !
أضاف مسعد بنبرة حزن زائفة وهو يهز رأسه للجانبين بتعاطف
تخيلي الغلبانة الباسكويتة دي تبقى مستهدفة !
عنفه والده قائلا بغلظة
يا بني ده انت بتقول اللي ما يعرفش يعرف
رد عليه مسعد مبررا بإبتسامة بلهاء
مش بأحنن قلب نوسة عليها وبأوصيها
ربتت إيناس على كتف أخيها وردت بتفاخر
أنا مش محتاجة وصاية يا حبيبي إنت عارفني
رمقها مسعد بنظرات ماكرة وهو يقول بتوجس
ماهو عشان أنا عارفك
متابعة القراءة