منال سالم الجزء الأول

موقع أيام نيوز


وهو يتابع بجدية 
أكيد .. قبلها هاتكون هناك 
التوى ثغره بشبح إبتسامة واثقة وهو يردد 
تمام ... لو جد حاجة هنخطركم بيها 
صمت لثوان ثم أضاف بصوت رسمي 
أها تمام .. تمام .. مع السلامة !
أنهى المكالمة وأرجع جسده للخلف على المقعد ليريح ظهره وظل يفكر مليا فيما تم إبلاغه خلال تلك المكالمة من قرارات هامة ومصيرية .. 

حل الوجوم على تعابيره وانتصب في جلسته ليشبك كفيه معا بعد أن أسندهما على سطح المكتب ..
تنهد بحزن واضح وهز رأسه مستنكرا وهو يحدث نفسه بضيق 
هاتكون خسارة كبيرة من بعدك يا سيادة الفريق ! بس اﻷوامر كده !!!
يتبع التالي
الفصل السادس عشر الجزء الثاني 
في منزل مسعد غراب 
حدقت سابين في تلك الصور الفوتغرافية الصغيرة التي احتفظت بها في حافظة نقودها والتي كانت تجمعها بعائلتها ورفاقها ..
تنهدت بعمق ولمعت عيناها نوعا ما ..
هي تشتاق إليهم وتشعر بالحنين إلى حياتها السابقة رغم إحساسي الدفيء والألفة اللذين تنعمان بهما هنا .. 
أعادت وضعهم بداخل حافظة نقودها ثم أسندتها بداخل درج الكومود وأغلقته وتمددت على الفراش لتتابع تذكر ذكرياتها السابقة والمرحة معهم في مخيلتها..
..........................................
على الجانب الأخر إنتهت إيناس من ترتيب وتنظيف المنزل ليكون جاهزا لإستقبال أختها الكبرى إسراء وطفليها المزعجين ..
لم يخف على اللواء محمد ذلك المخطط المكشوف الذي تعد له زوجته .. فهو يعلم شخصية ابنته جيدا ومتيقن من تصرفاتها المعروفة للجميع وحضورها اليوم فقط من أجل سابين .. 
دعا الله في نفسه أن تمر تلك الزيارة مرور الكرام حتى لا تتعرض حياة تلك الضيفة الأجنبية للخطړ ..
اقترب هو من ابنته الصغرى وهمس لها محذرا 
إيناس خدي بالك كويس من سابين 
ردت عليه بخفوت 
حاضر يا بابا أنا عيني هاتكون عليها 
هز رأسه بإيماءة خفيفة وهو يتابع بهمس جاد 
تمام وانا على أد ما أقدر هاشغل أختك بس انتي عارفاها 
ردت عليه إيناس مؤكدة 
ايوه انت هاتقولي عليها يا بابا إيش حال مكونتش أعدة معاكو وعارفة دماغها !
خرجت صفية من المطبخ لترص الصحون الفارغة على الطاولة فلمحت زوجها وابنتها يتحدثان بصورة مريبة فاقتربت منهما بحرص وصاحت فجأة بصوت جهوري 
انتو بتتودودوا في ايه 
انتفضت إيناس فزعة في مكانها وهتفت بعتاب 
جرى ايه يا ماما مش تعملي حس كده بدل ما تخضينا !
ردت عليها والدتها بضجر وهي تنظر لها شزرا 
سلامتك من الخضة يا عين أمك 
أضاف محمد متساءلا بإمتعاض 
مالك يا صفية حطانا في دماغك ليه 
أجابته بنبرة ضائقة وهي ترمق كلاهما بنظرات غير مريحة 
حالكم مش عاجبني طول اليوم دماغكم في دماغ بعض وهاتك يا كلام !
رد عليها بتهكم ساخر 
الله هو أنا بأكلم حد غريب مش بنتي !!!
بينما تابعت إيناس بسخط 
ليه محسسانا إننا متصحابين مش أب وبنته 
حدجتها والدتها بنظرات قوية وهي تعنفها على جملتها الأخيرة 
بت اتلمي عيب الكلام اللي بتقوليه ده
ضغطت إيناس على شفتيها لترد على مضض 
ماشي !
استمع ثلاثتهم إلى صوت قرع الجرس فحدقوا في باب المنزل وأشارت صفية إلى ابنتها قائلة بحماس 
روحي افتحي لأختك أكيد جت
ابتلعت إيناس ريقها بتوجس وتمتمت بخفوت 
استر يا رب !
وبالفعل تحركت في إتجاه الباب لتفتحه ورسمت على ثغرها إبتسامة بلهاء وهي محدقة في شقيقتها الواقفة أمامه ثم رددت بفرح زائف 
إسراء ! وحشتينا يا غالية !
تغنجت إسراء ذات ملامح الوجه الجادة والبشرة الخمرية والطول المعقول بجسدها وهي تهتف بتلهف 
نوسة ازيك يا بت تعالي في حضڼ أختك
ثم فتحت ذراعيها لتجذب شقيقتها إليها وإنهالت على وجنتيها بالقبلات ..
أسرعت صفية ناحية الباب لترحب بإبنتها وهي تصيح بنبرة فرحة للغاية 
يا مرحب بالغالية !
ثم لكزت إيناس في كتفها لتدفعها للجانب وهي تقول بتبرم 
وسعي يا نوسة لأختك خليها تدخل بدل ما هي واقفة على الباب 
ردت عليها إيناس بتذمر 
هو أنا حوشتها ماهي بتسلم عليا يا ماما 
دنت إسراء من والدتها وتبادلت كلتاهما الأحضان الدافئة والقبلات وهما تقولان 
منورة بيت أبوكي يا إسراء
ردت عليها ابنتها بإبتسامة عريضة 
الله يخليكي يا ماما والله كلكم واحشني 
إشرأبت صفية بعنقها للأعلى ونظرت بعينيها للجانبين

وكأنها تبحث عن شيء ما ثم تساءلت بإستغراب 
أومال العيال فين أوعي تكوني ماجبتهومش !!
أجابتها إسراء وهي تمصمص شفتيها 
هو أنا بردك هاعرف أروح حتة من غيرهم هما تحت بيجيبوا شيبسي وبسكوت من الكشك اللي على الناصية 
لطمت صفية على صدرها بتخوف وهتفت متوجسة 
وسيبتيهم لوحدهم كده مش خاېفة عليهم 
ردت عليها إسراء بثقة 
يا ماما دول يخوفوا بلد 
هتفت صفية بتضرع 
ربنا يحميهم وتفرحي دايما بيهم 
ابتسمت لوالدتها وهي تقول 
يا رب 
ولجت إسراء للداخل فرأت والدها جالسا على الأريكة فاتجهت نحوه ونهض هو ليحتضنها ويرحب بها وهو يردد بهدوء 
ازيك يا إسراء يا بنتي 
ردت عليه بإبتسامة عريضة 
الحمدلله يا بابا أخبارك انت ايه 
أجابها بصوت رخيم 
بخير يا بنتي 
جلس ثلاثتهم على الأريكة .. بينما وقفت إيناس على مقربة منهم تتابع بحذر ما يحدث ..
بحثت إسراء بعينيها عن سابين فلم تجدها فتساءلت بفضول 
اومال فين ال آآ....
قاطعتها والدتها بخفوت وهي تضغط على فخذها بكفها 
مش وقته يا بت استني شوية !
التفتت إسراء برأسها ناحية أمها وهمست لها وهي تكز على أسنانها 
الله يا ماما ده أنا جاية مخصوص عشانها !
ردت عليها أمها بصوت خفيض للغاية 
ما أنا عارفة بس مش على المكشوف كده 
استمعت سابين إلى صوت الترحيب بالابنة الكبرى فخرجت من الغرفة وهي في كامل أناقتها وارتدت فستانا صيفيا من اللون الأبيض الممزوج بالأزرق .. وعقصت شعرها كذيل حصان .. وأغرقت نفسها بعطر هاديء الرائحة ..
رسمت على ثغرها ابتسامة ودودة وهمست بخجل وهي تدنو من الصالة 
هاي !
اتسعت حدقتي إسراء في صدمة حينما رأتها ورمقتها بنظرات متفحصة لها من رأسها لأخمص قدميها وهمست بذهول 
هي دي 
ردت عليها والدتها بإمتعاض 
أيوه هو في غيرها !
ظهر الإعجاب واضحا على قسمات وجهها وهي تردد بحماس 
دي جامدة أوي !!!
لكزتها صفية في جانبها بعد أن أغاظها ردها وصرت على أسنانها لتقول بخفوت 
هو أنا مش عارفة يعني !
مصمصت إسراء شفتيها وغمغمت بإنبهار وهي ترفع حاجبها للأعلى 
اه ليكي حق تخافي على بابا !!
نهضت هي عن الأريكة واتجهت نحوها لترحب بها وهي تقول بحماسة وود 
أهلا يا حبيبتي أنا إسراء أخت نوسة صاحبتك ال سيستر الأخت بتاعتها يعني !
ابتسمت لها سابين مجاملة وردت برقة 
هاي إسراء 
مدت إسراء يدها لتمسك بكفها وتحسست ملمسه الناعم بإعجاب ورددت بحماسة وهي ترمقها بنظرات منبهرة 
والله حلوة ونغشة وطيعمة وطرية !
نظرت لها سابين بإستغراب واضح من تصرفاتها الغير مفهومة وسألتها بصوت رقيق بلكنتها المٹيرة 
هاه إنتي قولي ايه 
ردت عليها إسراء بإبتسامة عريضة 
بأقول إنتي زي القمر تعالي في حضڼي 
ثم جذبتها عنوة لتسقط في أحضانها وإنهالت على كل وجنة من وجهها بقبلات متتابعة متتالية جعلت سابين تصعق مما تلقته من كم هائل من القبلات العميقة على صدغيها ..
جدو .. تيتة هيييه 
قالها الصغيرين سيف وفارس معا بصوت مرتفع وجهوري ..
التفتت صفية نحوهما وهتفت بسعادة 
تعالوا يا حبايب تيتة في حضنها 
ارتمى الصغيرين في حضنها وقبلتهما بود فأردف سيف قائلا 
وحشتينا يا تيتة 
بينما أضاف فارس متساءلا 
ازيك يا تيتة 
ردت عليهما بنبرة دافئة 
انتو كمان وحشتوني أوي 
مال سيف برأسه للجانب ليحدق بنظرات متأملة في سابين وتساءل بنزق 
هي دي يا تيتة عروسة جدو 
اتسعت حدقتيها في صدمة من سؤاله المباغت وڼهرته قائلة 
عيب يا ولد شششش في حد يقول كده !
رد عليها

سيف بعدم اكتراث 
أه ماما قالت لبابا إنها جاية عشان تشوف عروسة جدو
أضاف فارس قائلا بصراحة 
لأ هي قالت خطافة الرجالة
كزت صفية على أسنانها مصډومة وهتفت بخفوت 
يا نصيبتي !
استدارت صفية برأسها للجانب ورمقت ابنتها بنظرات حادة ومغتاظة منها ثم تحركت نحوها بعد أن نهضت عن الأريكة وأمسكت بها من ذراعها وجذبتها للجانب لتهمس في أذنها بحنق 
جرى ايه يا إسراء هو انتي بتكلمي مع جوزك قصاد العيال !
ردت عليها إسراء بإنزعاج زائف 
أبدا والله يا ماما دول هما الجوز على طول فوق دماغي !!
دنا فارس من سابين وحدق فيها بنظرات مباشرة متفحصا إياها وسألها بفضول 
هو إنتي كده طبيعي ولا سيلكون 
ارتفع حاجبي سابين للأعلى في صدمة واضحة من حديث ذلك الصغير الفظ وانفرجت شفتيها في ذهول عجيب ...
عنفته إسراء قائلة بحدة 
يخربيتك واد ده كلام تقوله !
ثم رسمت ابتسامة زائفة وبررت ما قاله 
هو فارس كده لسانه دايما سابقه واللي في قلبه على لسانه طالع بقى لخاله مسعد 
تمتمت إيناس التي كانت تتابع المشهد في صمت مع نفسها قائلة بسخط 
والله مسعد مظلوم في الحكاية دي ! إنتي وعيالك يتفاتلكم بلاد !
..................................................
في الوحدة التدريبية العسكرية 
تجمع الضباط في الساحة الرئيسية للوحدة بعد أن تم استدعائهم جميعا للتواجد في تلك الساعة المحددة .. 
تبادلوا فيما بينهم أحاديث جانبية حول طبيعة الموضوع العاجل الذي طرأ وتطلب حضورهم ..
بعد لحظات انضم إليهم القائد ذو الرتبة العالية إلى الساحة فشد الجميع أجسادهم وانتصبوا في وقفتهم احتراما له .. 
استطرد هو حديثه قائلا بصرامة 
استرح ! 
ارتخت أجسادهم نوعا ما .. لكن ظلت عقولهم تفكر بلا توقف في سبب الاستدعاء الهام.
تابع القائد قائلا بجدية 
احنا اجتمعنا بيكم النهاردة عشان نبلغكم بعدة قرارات مصيرية !
نظرت أعينهم بترقب إليه ولم يجرؤ أحد على سؤاله دون إذن شخصي .. 
توجس مسعد خيفة من طبيعة القرارات القادمة .. وازدرد ريقه بتوتر .. فطبيعة تلك اللقاءات الفجائية تحمل خلفها كوارث ...
استأنف القائد حديثه بهدوء جاد 
كلنا عارفين أد ايه انتو رجالة وشايلين البلد وأمنها على كتافكم ومتأخرتوش للحظة عن أي مهمة بتطلب منكم .. وروحكم على كفكم وكلنا مقدرين اللي بتعملوه بس ساعات بنضطر نعمل حاجات ڠصب عننا لكن هي في النهاية عشان الصالح العام !
صمت رهيب ظل مسيطرا على الأجواء .. فأضاف القائد بحذر 
للأسف احنا مضطرين نلغي التشكيل الجديد 
وجوم ممزوج بالصدمة حل على أوجه الجميع وتبادلوا نظرات غامضة ..
قفز قلب مسعد في قدميه من هول الخبر المؤسف .. ولكنه كزملائه لم يستطع التعليق ..
ضغط القائد على شفتيه وهو يردد 
هو القرار فعلا صعب بس دي أوامر عليا !!!
همهمات خاڤتة صدرت بين الضباط .. فحاول القائد أن يتدارك الموقف قبل أن تحدث جلبة 
اطمنوا احنا مش هانسيبكم كده كلكم هترجعوا لوحداتكم ولفرقكم القديمة ! 
تبادل الضباط نظرات غاضبة ومنزعجة .. وبدا عليهم الاعتراض الشديد .. فبعد أن أفنوا سنوات هامة من أعمارهم في ذلك التشكيل الحيوي يلغى بكل بساطة ويضيع مجهودهم هباءا ..
أكمل القائد بهدوء حذر 
أتمنى إنكم تقدروا إننا بنعمل الصالح ليكم ودايما هايكون عندنا ثقة في قدراتكم ومهاراتكم وأكيد هتسدوا لو كلفنا أي حد فيكم بأي مهمة .. ربنا يوفقكم .. اتفضلوا !
انتباه !!!!
قالها قائد أخر بصوت جهوري صارم لينتصب الجميع بأجسادهم القوية ..
انصرف القائد بعدها بلحظات وتعالت بعدها اﻷصوات المتذمرة والمعترضة على هذا القرار الصاډم ..
وقف باسل قبالة مسعد وهتف

بذهول 
يعني ايه الكلام ده 
رد عليه رفيقه بحزن واضح وهو يحك مؤخرة رأسه 
معناه اتسوحنا يا باسل 
تساءل باسل
 

تم نسخ الرابط